تعد التغذية والرعاية أثناء الأعوام الخمسة الأولى من عمر الأطفال من الأمور الأساسية للحفاظ على صحتهم، فقد كشفت إحصائيات أن ثلث وفيات الأطفال دون سن الخامسة يكون وراءه سوء التغذية، فلا وجود لنعمة تعلو على نعمة الرضاعة الطبيعية في مرحلة الطفولة.
وحسب توصيات مرفوعة من طرف منظمة الصحة العالمة، يجب الشروع في إرضاع الأطفال طبيعيا خلال الساعة الأولى من عمرهم، والإقتصار على تلك الرضاعة طوال الأشهر الستة الأولى من عمرهم، والبدء في الوقت المناسب بإعطائهم قسطا كافيا من الأغذية التكميلية والمناسبة مع الإستمرار في إرضاعهم حتى بلوغهم عامين من العمر على الأقل.
فوائد الرضاعة على المدى الطويل:
1. حماية ضد الامراض العدوائية - يستمر هذا التاثير الايجابي حتى بعد فطام الطفل عن الرضاعة(المزيد حول كيفية فطام الرضيع!). الاطفال الذين ارضعتهم امهاتهم لستة اشهر على الاقل كانوا اقل عرضة للاصابة بالامراض العدوائية، حتى بعد ان بداوا بتناول الطعام العادي. كما ان احتمالات اصابتهم بالتهابات الاذن المتكررة في السنة الاولى اقل بمرتين، فضلا عن ان مدة المرض لديهم تكون اقصر بمرتين حتى سن السنتين، وتكون احتمالات بقائهم في المستشفى للعلاج في مرحلة الطفولة اقل ايضا.
2. الامراض المزمنة - اذا لم يكن ما ذكرناه كافيا، فالرضاعة تحمي من خطر الاصابة بالامراض المزمنة عند الكبر، بعد عشرات السنين. خطر اصابة الاطفال الذين تغذوا بالرضاعة من حليب الام بالسمنة هو اقل بمرتين. كما ان الرضاعة تقلل من خطر الاصابة بالامراض السرطانية في مرحلة الطفولة، اضافة الى تقليل خطر الاصابة بانواع معينة من الامراض السرطانية (بالاساس، اللوكيميا - سرطان الدم) مدى الحياة. كما تسهم الرضاعة، بعدة طرق، في تقليل الاصابة بعوامل الخطر التي تزيد من احتمالات الاصابة بامراض القلب والاوعية الدموية (مستوى دهنيات غير سليم، داء السكري، ارتفاع ضغط الدم وغيرها) وامراض الشرايين التاجية في القلب، مستقبلا. يكون الاطفال الذين تم ارضاعهم اقل عرضة للاصابة بداء السكري، وخصوصا من النوع الاول (سكري الاطفال)، وقد يعود سبب ذلك الى التعرض لفترة اقل لحليب الابقار (الذي ثبت انه يشكل احد عوامل الخطر للاصابة بسكري الاطفال). في النهاية، هنالك العديد من الادلة على ان الرضاعة تساهم في تقليل خطر الاصابة بامراض مناعية، من بينها امراض الحساسية المختلفة، الربو وغيرها.
3. التطور الدماغي (القدرات الذهنية) - اظهرت معظم الدراسات وجود علاقة بين الرضاعة، لمدة 6 اشهر على الاقل، وبين ارتفاع علامات اختبارات الذكاء (IQ) المختلفة في فترة الطفولة والمراهقة. اضافة الى ذلك، اكدت العديد من الدراسات ان الرضاعة تعود بالفائدة على الانظمة الحسية: فلقد كان تطور الاجهزة البصرية والسمعية لدى الاطفال الذين تم ارضاعهم، افضل.
4. تخفيف التوتر- قد تفسر الرابطة العاطفية التي تنشا بين الام والطفل خلال الرضاعة، وبعض المواد التي تتوفر في حليب الام، حقيقة اثبتت في العديد من الدراسات والتي لا شك فيها اليوم: ان الرضاعة تسهم في تخفيف التوتر لدى الرضيع. على الرغم من اننا لا نعتبر الاطفال الرضع فئة معرضة للتوتر على وجه الخصوص، الا ان التاثير المضاد للالم والمهدئ الذي يتمتع به حليب الام يسهم في تطور الطفل الاجتماعي والعقلي، ويحسن العلاقات بين افراد العائلة (خصوصا الام) وبين الطفل الرضيع.
فوائد الرضاعة بالنسبة للام
1. يسهم هرمون الاوكسيتوسين، الذي يتم افرازه بكميات كبيرة خلال الرضاعة، في تقلص الرحم وفي تسريع عملية التماثل للشفاء بعد الولادة، اذ ان الامهات المرضعات يعانين من معدل مضاعفات اقل خلال الفترة التي تلي الولادة (والتي تعرف بانها الاسابيع الستة الاولى من حياة الرضيع).
2. تعاني الامهات المرضعات من نسبة اقل من التوتر، وقد يعود الفضل في ذلك الى التاثير المباشر للهرمونات، مثل البرولاكتين والاوكسيتوسين (اللذان يشاركان في عملية الرضاعة)، والمعروفين بتاثيرهما المباشر على الجهاز العصبي. وقد يفسر ذلك حقيقة اخرى، هي ان نسبة الاضطرابات النفسية لدى الامهات المرضعات، ابتداء بالاكتئاب الخفيف وانتهاء بالاعتداء على الطفل او اهماله، اقل بكثير بالمقارنة مع الامهات اللواتي لا يرضعن.
3. خبر سار للنساء اللواتي يرغبن في خفض وزنهن: تعتبر الرضاعة عاملا محفزا لفقدان الوزن، وقد يكون ذلك نتيجة لحرق كمية كبيرة من السعرات الحرارية (حوالي 500 سعرة حرارية في اليوم) اثناء الرضاعة.
4. على الرغم من انه لا يمكن، باي حال من الاحوال، الاعتماد على الرضاعة فقط كوسيلة لمنع الحمل (اذ قد تكفي استراحة قصيرة نسبيا، لمدة بضع ساعات، لكي تتم الاباضة ويحصل الحمل)، الا ان الرضاعة تؤدي الى تاخير بداية الاباضة (والحيض) بعد الولادة.
5. تقلل الرضاعة بشكل ملحوظ من خطر الاصابة بسرطان المبيض والثدي (مستقبلا ايضا). اضافة الى ذلك، هنالك العديد من الادلة التي تشير الى ان الرضاعة تسهم في منع وتاخير الاصابة بتخلخل العظام.
6. تقليل خطر الاصابة بالعديد من الامراض المزمنة، مدى الحياة وليس فقط خلال فترة الرضاعة، بما في ذلك، السمنة المفرطة، امراض القلب والاوعية الدموية، فرط شحميات الدم (خلل في مستوى الدهنيات في الدم) وغيرها. فعلى سبيل المثال، الامهات اللواتي ارضعن لمدة تزيد عن 6 اشهر، هن اقل عرضة للاصابة بامراض القلب والاوعية الدموية بنسبة 30%.
7. التوفير الاقتصادي - يعتبر الحليب الصناعي مكلفا، اذ ان الاباء والامهات يضطرون الى انفاق الكثير من الاموال من اجل توفيره للطفل، الامر الذي يمكن تفاديه عن طريق اللجوء الى الرضاعة الطبيعية. وهذا، بالطبع، اضافة الى التاثير الصحي الايجابي لحليب الام، الذي يمنح الطفل فرصا اكبر للتطور والنمو بشكل افضل، وتكون احتمالات اصابته بامراض مزمنة اقل، وبالتالي فان معدل الوفاة يكون اكثر انخفاضا.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق